عملت اللجنة الرباعية منذ تأسيسها عام 2002 على ضمان سير عملية السلام في إطار خطة خارطة الطريق التي نشرت في العام 2003 ودعت لقيام دولة فلسطينية بحلول 2005.
إلا أن الخطة -الأميركية بالأساس- التي تبنتها اللجنة واجهت عقبات كبيرة منذ أن فرضت إسرائيل شروطا عليها، فقد استمرت إسرائيل في عمليات الاستيطان ولم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع الحكومات الإسرائيلية بالتوقف عن خطوات فرض الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
شروط اللجنة
وبعد فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في مطلع العام 2006 ونجاحها في تشكيل حكومة، فرضت اللجنة الرباعية ثلاثة شروط للحوار مع حكومة الوحدة التي شكلتها حماس مع حركة التحرير الفلسطيني (فتح)، وهذه الشروط هي: الاعتراف بإسرائيل، والاعتراف بالاتفاقات القائمة بينها وبين السلطة الفلسطينية، ونبذ العنف.
ولكن روسيا حاولت تمييز موقفها من حماس باستقبال قادتها في موسكو أكثر من مرة، ولم تصنف الحركة ولا جناحها العسكري على أنهما إرهابيان.
وعمقت شروط الرباعية من حالة الانقسام في الوضع الفلسطيني، ودفعت بحركة حماس للسيطرة على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، بعد الضغوط التي تعرضت لها حينما طبقت الأجهزة الأمنية في غزة والضفة خطة خارطة الطريق باعتقال المقاومين وملاحقتهم.
من جانبها، ولمنع الفلسطينيين من تأسيس دولة ذات سيادة على أرضهم، عمدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى توجيه ضربة لخارطة الطريق التي نصت على تجميد الاستيطان.
الاستيطان شكل العقبة الأهم لجهود الرباعية لإنجاز تسوية (الفرنسية)
رفض الاستيطان
وأصدرت اللجنة عدة بيانات تدعو لتجاوز أزمة المفاوضات، وكان أهمها بيان تريستي في 26 يونيو/حزيران 2009، ونيويورك في 24 سبتمبر/أيلول 2009، أكدت فيهما أهمية المفاوضات المباشرة لحل كل القضايا العالقة بشأن الوضع النهائي والوصول لتسوية متفق عليها عبر التفاوض بين الأطراف، "تضع حدا للاحتلال الذي يرجع إلى عام 1967 وتسفر عن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وقابلة للحياة، تعيش في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل وجيرانها الآخرين".
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 أعلن نتنياهو في ختام اجتماع للمجلس الوزاري الأمني المصغر عن تجميد الاستيطان جزئيا في الضفة الغربية، مع استثناء مدينة القدس لفترة محدودة حددها بعشرة أشهر. وأتاح هذا الأمر استئناف عملية المفاوضات المتعثرة.
وبعد استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية دعت الرباعية في اجتماع لها بموسكو في مارس/آذار 2010 لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وحددت الثاني من سبتمبر/أيلول 2010 موعدا لها.
وكان هذا هو المفتاح لقبول السلطة الفلسطينية -بغطاء عربي- بالعودة للمفاوضات المباشرة، لا سيما وأن هذا البيان تحدث بوضوح عن تجميد الاستيطان، ودعم خطوات السلطة الفلسطينية لبناء الدولة الفلسطينية في غضون 24 شهرا، معتبرا أن ذلك دليل على "التزام الفلسطينيين الجدي بدولة مستقلة تقيم الحكم الرشيد وتوفر الفرص والعدالة والأمن للشعب الفلسطيني".
"
لم تتمكن الرباعية من استدراك سعي الفلسطينيين لطلب عضوية فلسطينية بالأمم المتحدة، ولكنها وبعد تقديم الطلب اجتمعت بسرعة ودعت القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية للاجتماع والانتهاء من اتفاق على الدولة حتى نهاية 2012
"
عجز
ولكن المفاوضات تعثرت مرة أخرى بسبب الاستيطان، وكان ذلك مدعاة لانتقاد السلطة الفلسطينية دور اللجنة وعدم اتخاذها موقفا حازما لإجبار إسرائيل على تجميد الاستيطان، ووصل هذا النقد إلى ممثل اللجنة توني بلير الذي وُصف من أقطاب في السلطة بأنه منحاز لإسرائيل.
وباشر الرئيس الفلسطيني محمود عباس جهودا لنقل قضية الدولة الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي، بعد ان اعتبر أن المفاوضات فشلت في تحقيق هذا المطلب للفلسطينيين.
ولم تتمكن اللجنة من استدراك الخطوات الفلسطينية في الاجتماع الذي عقدته اللجنة في يوليو/تموز 2011 بواشنطن، ولكنها وبعد تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2011 اجتمعت بسرعة، ودعت في بيان جديد لها القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية للاجتماع.
وحثت اللجنة في بيانها عقب اجتماعها في 23 سبتمبر/أيلول الجاري بمقر الأمم المتحدة في نيويورك على أن يكون الاجتماع الأول للقادة خلال شهر، تقدم فيه مواقف الطرفين في موضوع الحدود والأمن، لتنتهي المفاوضات في مدة ما بين ثلاثة وستة أشهر. والاتفاق كله يجب أن يؤدي إلى إنهاء النزاع وانتهاء المطالب في غضون 15 شهرا، حتى نهاية العام 2012.